ترحيب

اهلا وسهلا بمن يتابع هذه المدونة المتواضعة امل ان يتم الاستفادة منها باي شكل من الاشكال فكل ما اقدمه هنا من مصادر ومراجع موثوقة مثل كتب والرسائل الجامعية والبحوث وايضا لخدمة العلم والباحثين وخاصة اخواننا المبتعثين . امل ان تحوز على رضاكم واستحسانكم

ترحيب

اهلا وسهلا بمن يتابع هذه المدونة المتواضعة امل ان يتم الاستفادة منها باي شكل من الاشكال فكل ما اقدمه هنا من مصادر ومراجع موثوقة مثل كتب والرسائل الجامعية والبحوث وايضا لخدمة العلم والباحثين وخاصة اخواننا المبتعثين . امل ان تحوز على رضاكم واستحسانكم

الجمعة، 16 ديسمبر 2011

نظريات التعلم





 

m
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ،،، وبعد . 
تصنف نظريات التعلم حسب الجانب الذي تركز النظرية عليه؛ فإما تركز على الجانب المعرفي والبنية المعرفية أو تركز على السياق الاجتماعي Social Context .
        وبذلك تصنف إلى نمطين :
1 نظريات التعليم المعرفية       Cognitive Learning Theory  
2 نظريات التعليم الاجتماعي        Social Learning  Theory

        والنمط الأول من نظريات التعلم يركز على البنية المعرفية للمتعلم وكيفية بنائها وإدخال المعارف الجديدة إليها عن طريق العديد من الاستراتيجيات المعرفية، مثل نظريات : برونر أوزوبل جانييه بياجيه بوجالسكي دينز -  سكنر .. وغيرهم من أصحاب الاتجاه المعرفي .        والنمط الثاني من نظريات التعلم يركز على السياق الاجتماعي الذي يحدث فيه التعلم، مثل البيئة المحيطة والسلوك والدافعية والحاجات . وتعد حاجات المتعلم هي أساس بناء المنهج وفق هذه النظريات ، مثل نظريات : ألبرت باندورا جوليان روتر فيجوتسكي دافيدوف وغيرهم من أصحاب المنحى الاجتماعي .ومنها مايلي :
نظرية التعلم جيروم س برونر:
يفترض برونر أن كل فرد يمكن تعليمه أي موضوع في أي عمر وأنه ينبغي إثراء البيئة المحيطة به حتى يمكن تنمية واستثمار طاقة الفرد إلى أقصى مدى ممكن حيث ينمو تفكير الفرد من خلال تفاعله مع بيئته . وإن كل إنسان له تصور خاص لرؤية العالم من حوله وتفسير هذه الرؤية لنفسه ، والمعلم إذا فهم طريقة المتعلم في تصور عالمه فإنه يستطيع تعليمه أي موضوع . ويعطي برونر للمتعلم دوراً نشطاً في تطوير المعلومات ويرى أن المتعلم ينبغي أن يكون قادراً على صياغة مشكلاته والبحث عن حلول بديلة بدلاً من البحث عن إجابة واحدة فقط ؛ فهو يهتم بالطريقة الشخصية التي ينمي كل فرد من خلالها مفهومه عن نفسه وعن عالمه . ولذلك فهو يهتم بالتعلم بالاكتشاف ويعرفه بأنه إعادة تنظيم وتحويل البيانات والأدلة ليصل إلى ما وراء هذه البيانات والمعلومات المتاحة فيكتشف بيانات أو معلومات جديدة بالنسبة للمتعلم . فالهدف من التعليم عند برونر هو نقل المعرفة إلى المتعلم وأيضاً تنمية اتجاه إيجابي نحو التعلم لديه، وتنمية مهارات الاستقصاء والاكتشاف لدى المتعلم بما يتيح له التفاعل بإيجابية مع بيئته الاجتماعية والفيزيقية ويهيئه للنمو العقلي.
نظرية روبرت جانييه:
وضع روبرت جانييه مبادئ لنظرية في التعلم تعد نموذجاً للتعليم؛ حيث افترض " جانييه " أن كل مادة أكاديمية أو كل موضوع في هذه المادة أو كل جزء من هذا الموضوع له بنية هرمية Hierarchy تشمل قمتها أكثر الموضوعات أو الأجزاء تركيباً وتليها الأقل تركيباً حتى الأبسط في قاعدة البنية الهرمية . وتعتبر موضوعات كل مستوى متطلب قبلي Prerequisite لتعلم الموضوعات الأكثر تركيباً منها في البنية المعرفية الهرمية.وفي ضوء هذا الافتراض ، يرى " جانييه " أن المتعلم يكون مستعداً لتعلم موضوع جديد عندما يتمكن من المتطلبات القبلية اللازمة لتعلم هذا الموضوع . وبذلك فإن التخطيط للتعليم ينبغي أن يهتم بتحديد وترتيب المتطلبات القبلية اللازمة لتعلم كل موضوع داخل المادة الدراسية وأيضاً تلك التي تلزم لتعلم المادة الدراسية ككل ، ويعتمد في ذلك على تحليل المهام Task Analysis .

نظرية دافيد اوزبل:
ترجع نظرية " أوزوبل " للتعلم القائم على المعني إلى عالم علم النفس المعرفي دافيد أوزوبل الذي حاول من خلال هذه النظرية تفسير كيف يتعلم الأفراد المادة اللفظية المنطوقة والمقروءة . يرى " أوزوبل " أن كل مادة أكاديمية لها بنية تنظيمية تتميز بها عن المواد الأخرى وفي كل بنية تشغل الأفكار والمفاهيم الأكثر شمولاً وعمومية موضع القمة ثم تتدرج تحتها الأفكار والمفاهيم الأقل شمولية وعمومية ثم المعلومات التفصيلية الدقيقة . وأن البنية المعرفية لأي مادة دراسية تتكون في عقل المتعلم بنفس الترتيب من الأكثر شمولاً إلى الأقل شمولاً ، ومن ثم يرى " أوزوبل " أن هناك تشابه بين بنية معالجة المعلومات في كل مادة وبين البنية المعرفية التي تتكون في عقل المتعلم من هذه المادة.ويفترض أوزوبل أن التعلم يحدث إذا نظمت المادة الدراسية في خطوط مشابهة لتلك التي تنظم بها المعرفة في عقل المتعلم . حيث يرى أن المتعلم يستقبل المعلومات اللفظية ويربطه بالمعرفة والخبرات السابق اكتسابها وبهذه الطريقة تأخذ المعرفة الجديدة بالإضافة للمعلومات السابقة معنى خاص لديه.
نظرية جان بياجيه :
تُعد نظرية عالم علم النفس السويسري " جان بياجيه " للنمو المعرفي القائمة على المنهج الوصفي التحليلي في تناول النمو العقلي ؛ مدخلاً يتوسط المنحى السيكومتري والمنحى المعرفي في تناول النشاط العقلي المعرفي وقد بناها من خلال ملاحظة أطفاله الثلاثة في نموهم . يفترض " بياجيه " في نظريته أن أي فرد يمكن أن يتعلم أي موضوع بشرط أن يناسب مرحلة النمو العقلي للفرد . وأن أي فرد يولد بقدر ضئيل من الانعكاسات العضوية والقدرات الكامنة في صورة استراتيجيات وهي بذلك تعد عنصر هام في البناء المعرفي للمتعلم . والإستراتيجية من وجهة نظر بياجيه هي الطريقة التي يستطيع الطفل من خلالها أن يتعامل مع المتغيرات البيئية خلال مراحل نموه من أجل حدوث تفاعلات جديدة بينه وبين البيئة وتتغير هذه الاستراتيجيات تبعاً لنضج الطفل وما يكتسبه من خبرات. لقد اكتشف بياجيه أن الأطفال في نموهم العقلي يمرون بمراحل محددة، يتصف سلوك الطفل وتفكيره في كل منها بخصائص معينة ، ويشير بياجيه إلى أن مراحل النمو العقلي تتصف بالثبات في نظام تتابعها لدى كل طفل وفي كل ثقافة، ولا يعني هذا ثبات الحدود الزمنية، بل تختلف الحدود الزمنية من طفل لآخر في ذات الثقافة الواحدة.
إبراز نظريات التعلم وأوجه القصور فيها
ويقصد بها النظريات التي تسعى إلى رد السلوك المركب إلى أنماط السلوك البسيط وتفسيرها ،ومنها :
1 = نظرية التعلم الشرطي الكلاسيكي : 
وهي أول النظريات الاختزالية ظهوراً وأكثرهاً شيوعاً ، ومؤسسها عالم الفسيولوجيا الروسي إيفان بافلوف ، الذي لاحظ أثناء إجراء تجاربه على الجهاز الهضمي للكلاب خاصة الغدد اللعابية أن الحيوان يفرز لعابه حين يتعرض لبعض المثيرات التي ترتبط ارتباطاً متكرراً بالطعام مسحوق اللحم وليس حينما يوضع الطعام في فمه فعلاً  والمعروف أن وظيفة اللعاب الفسيولوجية هي تيسير مضغ الطعام وبلعه ثم هضمه ، ولكن بافلوف لاحظ أن الكلب يفرز اللعاب لمثيرات أخرى محايدة ، وهذا يدل على أنه يستجيب لمثير آخر سماه بافلوف المثير الشرطي تميزاً له عن المثير الطبيعي ، ثم أصبح يطلق على هذا النوع من التعلم مصطلح التعلم الشرطي الكلاسيكي .  ولقد قام واطسون ورينر عام 1920م بتجربة شهيرة مماثلة لتجربة بافلوف ، ولكن كانت حول الطفل ألبرت والذي تسمت التجربة باسمه ، وكان عمره 11 شهراً ، واستخدما معه أسلوب التعلم الشرطي بإظهار فأر أمامه مثير شرطي يصحب ذلك ضوضاء مرتفعة مثير طبيعي تؤدي إلى استجابة الخوف لدى الطفل  ( 24 ) . كما قامت جولز عام 1924م باستخدام هذه النظريات لا لغرس استجابة طبيعية لمثر محايد شرطي بل لإلغاء استجابة طبيعيـة تجاه مؤثر محايد شرطي وذلك بإزالة استجابة الخوف عن طفل كان يخاف من الأرنب عن طريق تقديم أرنب أبيض بمصاحبة مثير يثير السرور لديه تقديم حلوى مثـلاً وتمكن الطفل بالتدريج من التخلص من خوفه المرضي (25).
أوجه قصور نظرية التعلم الشرطي الكلاسيكي : 
   1)     مجال التجربة عند بافلوف طبق على الحيوان ، وبدون شك هناك فروق كبيرة بين الإنسان والحيوان ، ولو كان هناك تشابه من حيث وجود بعض الغرائز قال تعالى : ]وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً[  الإسراء 70
   2)     إن نتيجة تجارب بافلوف على الحيوان أثبتت صحتها على الإنسان من خلال تجارب واطسون ورفيقه وتجربة جولز ، ولكن هناك فرق بين الطفل ذو الأحد عشر شهراً والرجل الراشد صاحب الشخصية السوية ، وهذا واضح في عدم تكليف الدين الإسلامي لكل من هو دون البلوغ أو بلغ ولكن به مرض عقلي بأمور كُلف بها كل راشد . 
   3)     إن الطفل إنسان ويصدق على الراشد ما يصدق عليه ، ولكن ألا يلاحظ أن الراشدين أنفسهم تختلف استجابتهم بحسب إدراكهم للمثيرات نظراً لاختلاف العوامل التي يتعرض لها كل منهم ، فمثلاً قد يرى عدة أشخاص أشهى أنواع الطعام ولكن نلاحظ أن استجاباتهم تختلف ، فهناك الصائم ، وهناك المريض والمحمي من هذا النوع ، وهناك من معدته متخمة بالطعام ، ، وهناك الجائع الذي لم يتناول أي طعام خلال اليوم ، وهناك الجائع لأكثر من يوم ، فالأول لن يستجيب والثاني والثالث قد لا يستجيبا وقد يستجيبا فيأكل كل منهما لقيمات ، ولكن الرابع والخـامس سيستجيبا ويظهر عليهما ولكن درجة الاستجابة عند الخامس أشد منها عند الرابع . 
   4)     إن هــذه التجارب تمـت والكائن الحي تم تقييده على منضدة ، وإن قلنا أن هذه النظرية تثبت التعـلم إلا أنه بالإكراه وما نبغيه : " هو التعلم الناتج عن النشاط الذاتي الحر "(26) .
   5)     إن هذه النظرية لا تستطيع  أن تفسر بعض ظواهر التعلم المركبة مثل اكتساب المهارات الحركية الاختيارية الإرادية أو تعلم أفضل طرق حل المشكلات .
   6)     على افتراض أن الجميع يشتهون هذا الطعام وكلهم جياع ، وقدم لهم الطعام سنلاحظ اختلاف الاستجابات لا بسبب العوامل التي يتعرض لها كل منهم ، بل لأمر أغفله علم النفس الحديث وانعكس هذا على علم النفس التربوي ، وهو جانب الروح في تكوين النفس الإنسانية وما تعتقده من قيم ؛ فهناك من يبدأ بآداب الطعام غسل اليدين ، التسمية ، الأكل مما يليه .. الخ والبعض سيستجيب كما استجاب صاحب بافلوف .  

ولقد أوضح
r  اختلاف الاستجابات من فرد آخر بحسب القيم التي يعتقدها بقوله عليه الصلاة والسلام في صفات السبعة الذين يظلهم الله بظله ذكر منهم : ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله .  ومن هنا لا نسلم بصحة هذه المعادلة م        س على إطلاقها وإن كانت صحيحة في حالات خاصة فيجب التنبيه لذلك من قبل كُتاب علم النفس التربوي وعدم تعميم نتائجها ، وبيان أوجه القصور فيها ، ومراعاة الدقة في صوغ عبارات الكتاب خاصة وأنه يدرس للطلاب ، ففي هذه النظرية يعلق / أبو حطب بقوله : " ويتشابه الإنسان مع الحيوان في النظام الأول "  ( 27 )  وفي هذا مساواة مرفوضة نقلاً وعقلاً وإن كان هناك تشابه فلا بد من توضيحه ، وفي أي جانب يكون . 
   7)   
 إن الإنسان الواحد تختـلف استجابته مـن موقف لآخر بحسب المواقف والحالة النفسية التي هو فيها ، وهذا ما غفلت عنه جميع نظريات
نماذج التعلم المتبعة لمعادلة م        س .
2  =  نظرية  الاقتران : 
وصف هذا النموذج العالم الأمريكي إدوين جاثري ، فيبدأ بمبدأ واحد من مبادئ الاشتراط وهو مبدأ الاقتران باعتباره المبدأ العام الوحيد الذي يفسر النتائج الاصطناعية في رأيه التي اعتمدت عليها نماذج التعلم الشرطي الكلاسيكي ، وهذا المبدأ لا يعتمد اعتماداً وثيقاً على نموذج التجريب الذي استخدمه بافلوف ، ويرى جاثري أن نمط المثير يصل إلى قوته الارتباطية الكاملة في أول فرصة يقترن فيها مع الاستجابة فهو لا يعتقد بالتكرار ( 28 ) . فالقانون الرئيسي للتعلم في هذا النموذج هو قانون الاقتران الذي صاغه جاثري بقوله: " إذا نشط مثير ما وقت استجابة معينة فإن تكرار هذا المثير يؤدي إلى حدوث تلك الاستجابة "( 29 )  فالتعلم عند جاثري يتم من أول عملية اقتران بين المثير والاستجابة ، دون تكرار ذلك الاقتران كما هو الحال عند بافلوف وواطسون وجولز ، لأن التكرار لا يعزز ما تتعلمه فالاقتران إما يحدث وإما لا يحدث من أول محاولة ، ومما يساهم في تكوين هذا الاقتران التقارب الزماني والمكاني . 
أوجه القصور في نظرية  جاثري : 
      1)           عبارة عن مجموعة من الآراء التي تحاول شرح بعض المواقف التعليمية دون استخدام المنهج التجريبي الدقيق . 
      2)           لا يزال هذا النموذج عاجزاً عن فهم وتفسير السلوك الإنساني الراقي والمعقد . 
   3)     إن التكرار أسلوب من أساليب التربية ، ولقد تضمن القرآن الكريم والأحاديث النبوية هذا الأسلوب ؛ فنجد أن قوله تعالى ]  فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [  في سورة الرحمن تكرر 31 مرة في سورة واحدة عدد آياتها 78 آية ، وكذلك تكرر قوله تعالى ]فَكَيْفَ  كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ [  في سورة القمر تكرر في سورة واحدة 4 مرات  وقوله تعالى : ]  فَهَلْ  مِنْ مُدَّكِرٍ [ تكرر في السورة نفسها 6 مرات  وقوله تعالى ] وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [ في سورة المرسلات تكرر عشر مرات وعدد آيات السورة 50 آية .      
فــــإن كـان التعلم قد يحدث من مرة واحدة كما قال جاثري إلا أن هذا لا يعمم ولا يجب أن يغفل عــن أهمية التكرار، فالمعلم يكرر الدرس على التلاميذ لزيادة الإيضاح  ولإيصال المعلومات التي يريد توصيلها لهم ، ولبيان أهمية الموضوع ، وللتأكيد على الأمر المكرر ، والتكرار من أساليب التربية الإسلامية ، ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة .
3 = نظرية المحاولة والخطأ : 
في الوقت الذي كان فيه بافلوف يجري تجاربه كان عالم النفس الأمريكي إدوارد لي ثورنديك يجري تجاربه على أنواع مختلفة من الحيوانات ، وأشهرها تجاربه على القطط والتي نشر نتائجها عام 1898م ، وتتلخص هذه التجربة في وضعه قطاً جائعاً في قفص  ويضع الطعام خارج القفص الذي له باب يفتح بعدة طرق بسهولة ، فكان القط في أول الأمر يظهر حركات عشوائية تستغرق وقتاً طويلاً لفتح الباب ، ومع تكرار المحاولة تمكن القط من فتح الباب في فترة قصيرة جداً بعد المحاولة العشرين . وقد أجرى تجارب كثيرة على حيوانات أخرى مثل الفئران والأسماك ، وفي كل التجارب كان يوجد عائق يحول دون وصول الحيوان الجائع إلى الهدف وهو الطعام ، وكانت النتائج متماثلة  ( 30 ) .وتسمى نظرية ثورنديك أحياناً بنظرية الارتباط ، أو نظرية الوصلات العصبية ، أو نظرية المحاولة والخطأ ، ويدين علم النفس لثورنديك لأنه أول من أدخل نظام التجريب على الحيوانات بشكل واسع ، وهو يرى أن التعلم عبارة عن تغير في السلوك ، وأن كل ما يمكن عمله هو ملاحظة هذا التغير في السلوك ودراسته وقياسه ، والسلوك عند ثورنديك يخضع لمبدأ مثير             استجابة ( م          س )  ( 31 ) .
وقد وضح ثورنديك عدداً من القوانين تفسر التعلم بالمحاولة والخطأ ، وقد عدل بعضها أكثر من مرة ، وتلك القوانين قانون الأثر ، الذي اقترحه لبيان أن عامل التكرار بين المثير والاستجابة لا يفسر التعلم ، فالتكرار شرط ضروري إلا أنه ليس كافياً ، ويرى أن ممارسة الارتباط الذي يؤدي إلى الارتياح يقوي ذلك الارتباط ، بينما ممارسة الارتباط الذي يؤدي إلى عدم الارتياح يؤدي إلى ضعف ذلك الارتباط أي أن المكافأة أو النجاح يزيدان من تدعيم السلوك المثاب ، بينما يؤدي العقاب أو الفشل إلى اختزال الميل لتكرار السلوك الذي يؤدي إلى العقاب أو الفشل أو الضيق ، وكان قانون الأثر إرهاصاً بمبدأ التعزيز الذي اعتمد عليه اعتماداً مطلقاً أصحاب نموذج التعلم الشرطي .
أوجه القصور في نظرية المحاولة والخطأ : 
      1)         كانت جميع تجارب ثورنديك على الحيوانات وهي جائعة وهناك فرق كبير وشائع بين الإنسان والحيوان ، بما كرمه الله تعالى به وفضله على سائر المخلوقات . 
   2)     كانت الحيوانات في تجارب ثورنديك غير مقيدة بل تمارس حركاتها الطبيعية وليس كما هو الحال عند بافلوف ، ولكن رغم تلك الحركات التي يمارسها الحيوان إلا أن ثورنديك يطبق التجربة والحيوان يشعر بالجوع وبالتالي يكون قد سلب إرادة الحيوان ، فهو مضطر لعملية البحث عن الطعام ، فهو يوجه الحيوان لسلوك معين . 
   3)     في تجارب ثورنديك استخدم الحيوان حواسه ومنها حاسة الشم والبصر وهذه الحواس رغم وجودها عند الإنسان إلا أنها تختلف في وظيفتها عند الإنسان عنها عند الحيوان  فالحواس " في الإسلام ليس منظوراً إليها في الإنسان بدلالتها العضوية  حيث يشاركه في ذلك سائر الحيوانات ، وإنما تعد فيه أدوات وعي وإدراك وتميز وفهم وبيان " ( 32 ).
  4)    إن من يقرأ هذا الجزء من كتاب / أبو حطب حول نظرية ثورنديك يشعر وكأنه أول من توصل إلى مبدأ التعزيز بالإيجاب أو السلب في حين أن علماء الفكر التربوي الإسلامي أشاروا لذلك منذ قرون قبل ثورنديك ، كالقابسي في رسالته المفصلة لأحوال المتعلمين والمعلمين ، والذي توفي 403هـ ، وابن سينا المتوفي عام 428هـ ، له آراء في هذا المجال تكاد تصل في دقتها إلى أحدث ما توصل إليه علماء النفس الحديث وغيرهم من العلماء الذين يذخر بهم الفكر التربوي الإسلامي .
4 =نظرية التعلم الشرطي الإجرائي : 
لقد ابتكر في معمل سكنر ما أسماه العلماء بصندوق اسكنر ، وفيه يوضع الحيوان الجائع فإذا ضغط على رافعة معينة تظهر له جرعة من الطعام ، وبالتالي فإن الاستجابة ذريعة أو وسيلة أو أداة لظهور الطعام ، ويستمر الحيوان يضغط على الرافعة حتى يُشبع جوعه  ويكون قد تعلم في نفس الوقت استجابة الضغط على الرافعة حيث يؤديها في زمن وجيز للغاية ونقل الحركة العشوائية    ويميز سكنر بين نوعين من السلوك أحدهما السلوك الاستجابي الذي يقوم على العلاقة بين مثير واستجابة ، أما السلوك الثاني فهو السلوك الإجرائي التلقائي حيث تتم الاستجابة دون وجود المؤثرات كسلوك الإنسان وهو يقود سيارته  ( 34 ) .  وقد استطاع سكنر بهذه الطريقة أن يدرب بعض الطيور الحمام على كثير من الأعمال الصعبة مثل لعبها لتنس الطاولة بمنقارها ، وأما التطبيقات التربوية لنموذج التعلم الشرطي الإجرائي فهو ظهور وشيوع التعليم المبرمج ( 35 )  .
أوجه القصور في نظرية التعلم الشرطي الإجرائي : 
   1)     أدت نظرية سكنر إلى شيوع طريقة من أحدث طرق التدريس المعاصرة ، وهي طريقة التعليم المبرمج ، والتي بدأ الاهتمام بها بعد المحاضرة التي ألقاها سكنر عام 1954م  في جامعة هارفارد ، ولكن لا نعرف مدى ملاءمتها للتدريس في مدارسنا حسب ظروفها وطبيعتها ، لذا نحن في حاجة للوقوف على مدى ملاءمتها لمجتمعنا الكبير . 
      2)           قيام التجربة على الطيور الجائعة وهناك فرق بين الإنسان والحيوان ، إضافة إلى أنها كانت جائعة . 
5 = النظريات  الرياضية : 
وهي من نماذج علم النفس عن التعلم ، ولكن لها صبغة رياضية ومن أبرزها نموذج كلارك هل ، ومن أكثر نماذج التعلم شمولاً وتنظيماً في تحديد طبيعة التعلم ، ويحدد هل مجموعتين من المكونات في أي أداء للمتعلم الأول قوة العادة ( م ع س ) وتنتج عن التعلم الإرتباطي تحت تأثير التعزيز كما هو الحال في التعلم الشرطي الإجرائي ، والثاني هو المكونات غير الأرتباطية وأهمها الحافز ( ف ) ويصيغ كلارك هل معادلته الأساسية التي تحدد وما يسميه جهد الاستجابة ( م ج س ) كما يلي : 
جهد الاستجابة = الحافز × قوة العادة .  م ج س = ف × م ع س  
وتزداد هذه المعادلة تعقداً بتأثير عوامل غير ارتباطية أخرى بالإضافة إلى الحافز ، وهذه العوامل هي حدة المثيرات التي تستثير الاستجابة ( م ) ومقدار الباعث ( ث ) المستخدم في التعزيز وهكذا تصبح المعادلة الكاملة لجهد الاستجابة كما يلي :  م ج س = ف × م × ث × م ع س
وقد استعان هل بنتائج التجارب التي قام بها بيرين عام 1940م على الفئران .
أوجه القصور في نظرية كلارك هل : 
   1)     كانت النظرة فيما سبق من نماذج تعميم نتائج أجريت على الحيوانات وعلى الإنسان وهنا نرى أن هل استفاد من تجاربه على الحيوانات وعبر عن نموذجه بمعادلة واعتبر الإنسان كمركب كيميائي ، فللحصول على بخار الماء نحتاج لـ H2O وهذه نظرة ضيقة وجامدة عن حقيقة الإنسان وتنظر له كأنه جسم فقط ، ففي حين أن 1+1 في الحساب = 2 إلا أنها في المجال الإنساني قد تساوي واحد وقد تساوي أكثر  فرجل وامـرأة يشكلان أسرة ، فيكون 1 + 1 = 1 ومن هذه الأسرة يكون الابناء والأحفاد والأعمام والعمات والأخوال والخالات والأجداد فيصبح عندئذ 1+1 = أكثر بكثير من 2 . 
  2)     بتتبع نظرية التعزيز عند هل يتضح أنه حاول الاستفادة من المؤثرات الخارجية التي تؤثر على الإنسان عن طريق حواسه وأحاسيسه التي زوده الله تعالى بها ، وردود الأفعال عندما تصله تلك المؤثرات ، كما أنه حاول قياس مقادير التأثر والتأثير ومدى الاستجابة وعدمها ، إلا أنه قصر عن التمييز بين الإنسان والكائنات والمخلـوقات الأخرى من حيث الاستجابة وقوتها ، وامتياز الإنسان عن غيره بمحاولتـه الاستفادة من المواقف غير المفيدة وتحويلها إلى مواقف مفيدة له بما كرمه الله تعالى به 
6 = نظرية الجشطالت :
رفض عالم النفس الألماني كوهلر الأبحاث التي أجرها ثورنديك وبافلوف وواطسون فقام بإجراء تجاربه على الشمبانزي ما بين عام 1913م - 1917م ، لمعرفة الطريقة التي تحل بها الحيوانات المشكلات أي التعلم بإدراك العلاقات فقد وضع قرداً جائعاً في قفص وعلق بعض الموز في سقف القفص ووضع على الأرض بعض العصي التي يمكن بواسطتها الحصول على الموز ، وأخذ يراقب القرد ويدون وصفاً دقيقاً لسلوكه ولاحظ أنه بعد عدة محاولات فاشلة لجأ القرد إلى التأمل والاستكشاف فاستخدم العصي وحصل على الموز ، هنا قال كوهلر أن التعلم حدث عن طريق الاستبصار . وقد أوضحت تجاربه الظروف التي تجعل الكائنات العضوية قادرة على الاستبصار  فمقدار الاستبصار يعتمد على عمر المفحوص وذكائه وإلفته بالموقف ،وأهم ما نستفيده من هذه النتائج أن الاستبصار يعتمد على قدرتنا على الإدراك الحسي والتنظيم المعرفي  ( 37 ) .
أوجه القصور في نظرية  الجشطالت : 
   1)     إن هذا النموذج حقق بعض التقدم على النماذج السابقة بإلقاء الضوء على عملية التعلم بالاستبصار القائم على ذكاء الكائن الحي ، وقدرته على إدراك عناصر الموقف التجريبي المراد تعلمه ، ولكن شتان بين الاستبصار عند الإنسان عنه عند الحيوان يقول / أبو حطب : " إن الاستبصار يعتمد على قدرتنا على الإدراك الحسي والتنظيم المعرفي " ص233 ، ويقول : " فالاستبصار لا يحدث بسهولة إلا إذا نظمت أساسيات الحل بحيث يمكن إدراك العلاقات بينها "  ص234 .
فالاستبصار يحتاج لتنظيم وإدراك العلاقات ، وهذا يقوم به العقل : " والعقل نعمة من أكبر النعم التي حباها الله للإنسان وتفضل به عليه ، وميزه به عن غيره من الكائنات  ( 38 )  .
فكيف نقول أن القرد توصل للموز عن طريق الاستبصار ؟
إن ما يمكن أن توصف به هذه الحالة هي محاولة القرد للحصول على الموز ، لا استبصار  
* * * * * * * * * * * * * *
تلك هي أبرز نظريات - نماذج - التعلم في علم النفس التربوي ، والتي تدرس ضمن برنامج الإعداد التربوي كما هي موجودة في معظم المؤلفات ، دون محاولة من الكُتاب لإضفاء الصبغة والروح الإسلامية على تلك التجارب رغم ما يذخر به الفكر التربوي الإسلامي والمستمد من المصدرين الأساسيين القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة .
والله أسال التوفيق والسداد ، فنعم المولى ونعم النصير .

 

المراجــــــع

       1)            عبد الحميد الهاشمي : علم النفس التكويني ، ط2 ، القاهرة ، مطبعة الخانجي ، ص11.
       2)           محمـد عثمان نجاتي:علم النفس في حياتنا اليومية ، دار النهضة العربية ، 1966م ، ص14
       3)            عبد الحميد الهاشمي : أصول علم النفس العام ، دار الشروق ، جدة ، ص12 .
       4)            حامد عبد السلام زهران : علم نفس النمو ، ط4 ، عالم الكتب ، القاهرة ، 1977م،ص9 .
       5)            فائز الحاج : بحوث علم النفس العام ، المكتب الإسلامي ، الرياض ، 1976م ، ص6 .
       6)            مختار حمزة : مبادئ علم النفس ، دار المجتمع العربي،جدة ، 1399هـ/ 1979م،ص21.
       7)            أحمد عزت راجح : أصول علم النفس ، ط4 ، المكتب المصري الحديث ، الإسكندرية، 1970م ، ص21 . 
       8)            نبيل محمد السمالوطي : الإسلام وقضايا علم النفس الحديث ، دار الشروق ، جدة ، 1400هـ / 1980م ، ص14 .
       9)            عبد الحميد الهاشمي : علم النفس في التصور الإسلامي ، المركز العالمي للتعليم الإسلامي ، جامعة أم القرى ، مكة 1403هـ
     10)           محمد محمود محمد : علم النفس المعاصر في ضوء الإسلام ، دار الشروق ، جدة ، 1405هـ / 1985م ، ص57 .
     11)           فؤاد أبو حطب ، آمال صادق : علم النفس التربوي ، ط2 ، مكتبة الأنجلو ، القاهرة ، 1980 م ، ص13-16 . 
     12)           أحمد زكي صالح : علم النفس التربوي ،ط10،مكتبة النهضة المصرية، القاهرة ، ص25 .
     13)           عبد السلام عبد الغفار : في طبيعة الإنسان ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1973م / 1393هـ ، ص26
     14)           صالح سليمان العمرو : مكانة الحواس من المعرفة في الإسلام ،رسالة دكتوراه ، كلية التربية، جامعة أم القرى ، غير منشورة
     15)           يوسف القاضي ، علم النفس التربوي في الإسلام ، دار المريخ ، الرياض ، 1401هـ / 1981م ، ص219
     16)           حمدي أبو الفتوح عطيفة : أسلمة مناهج العلوم المدرسية تصور مقترح ، دار الوفاء ، المنصورة ، 1407هـ / 1986م ،
     17)           عبد الرحمن صالح عبد الله : المنهاج الدراسي أسسه وصلته بالنظرية التربوية الإسلامية ، مركز الملك فيصل ، الرياض ،
     18)           حسن محمد الشرقاوي : نحو علم نفس إسلامي ، مؤسسة شباب الجامعة ،الإسكندرية ، 1984م ، ص440 .
     19)           محمد حامد الأفندي : نحو مناهج إسلامية ، المركز العالمي للتعليم الإسلامي ، جامعة أم القرى ، مكة المكرمة ، 1987م /
     20)           جعفر شيخ إدريس : أسلمة العلوم فلسفتها ومنهجيتها ، صحيفة الراية ، قطر ، الخميس 7/7/1408هـ .
     21)           أبن كثير : تفسير القرآن العظيم ، م4 ، دار الفكر ، 1407/ 1986م ، ص220.
     22)           مالك بدري : علم النفس الحديث من منظور إسلامي ، جامعة الخرطوم ، 1987م ، 1407هـ ، ص10-21 .
     23)           بشير حاج التوم : السبيل إلى بناء فكر تربوي إسلامي ، مركز البحوث التربوية والنفسية، جامعة أم القرى ، مكة المكرمة ،









هناك 3 تعليقات:

  1. ماشاء الله كلام مرتب ومتناسق ومفهوم ..
    خصوصا استشهادك ببعض من ايات الله ...
    واضافتك للمراجع حتى تعم الفائده الله يعله في ميزان حسناتك ...

    ردحذف
  2. الله يعافيك كلام فعلًا جميل ومرتب وجهد تشكر عليه
    وأتمنى أن لوساعدتني بسلبيات وايجابيات نموذج ( جون غودلاد ،جون كير، بوشامب ) أن كان مافيها كلافة عليك الله يحفظك البناخي .
    gha.9699@gmail.com

    ردحذف