ترحيب

اهلا وسهلا بمن يتابع هذه المدونة المتواضعة امل ان يتم الاستفادة منها باي شكل من الاشكال فكل ما اقدمه هنا من مصادر ومراجع موثوقة مثل كتب والرسائل الجامعية والبحوث وايضا لخدمة العلم والباحثين وخاصة اخواننا المبتعثين . امل ان تحوز على رضاكم واستحسانكم

ترحيب

اهلا وسهلا بمن يتابع هذه المدونة المتواضعة امل ان يتم الاستفادة منها باي شكل من الاشكال فكل ما اقدمه هنا من مصادر ومراجع موثوقة مثل كتب والرسائل الجامعية والبحوث وايضا لخدمة العلم والباحثين وخاصة اخواننا المبتعثين . امل ان تحوز على رضاكم واستحسانكم

الجمعة، 23 ديسمبر 2011

المذهب الواقعي


المذهب الواقعي
الواقعيون فيما يرى كولبه KLUPE ((هم الذين يعترفون بوجود عالم خارجي مستقل عن أي عقل يدركه وعن جميع أفكار أو أحوال ذلك العقل وليست الأمور المدركة في التجربة سوى رموز في العقل ولكنها رموز تدل على حقائق خارجية واقعة))، غير أن هذا التعريف في الواقع غير دقيق فضلا عن أنه لا يبين لنا لماذا إذاً يتعارض الواقعيون مع المثالين فيما يتعلق بطبيعة المعرفة؟
إذا كان الواقعيون هم ذلك الفريق من الفلاسفة الذي يقول أن العالم قائم موجود بالفعل حتى عندما يكون بعيداً عن متناول إدراكنا الحسي أعني أن الأشياء الخارجية وجوداً عينياً مستقلاً عن العقل الذي يقوم بإدراكها وعن جميع أفكار ذلك القعل وأحواله . ص304 [ 2 ]
فإن الواقعية في هذه الحالة لن تتعارض إلا مع لون خاص من ألوان المثالية هي المثالية الذاتية أو مذهب الذات الوحيدة أو الأنا وحدية كما عبر عنه الآسقف الإنجليزي جورج باركلي (1685-1852) في نظريته الشهيرة أن وجود الشيء يعني أنه مدرك، وبالتالي فليس للأشياء وجود مسقتل من العقل الذي يدركها، لكن كيف يكون تعريف الواقعية السابقة متعارضة –على سبيل المثال- مع مثالية هيجل التي عبرت أروع تعبير عن استقلال العالم عن الذات العارفة حين أنكر الزعيم بأن الأشياء المحسوسة لا توجد إلا في عالم الوعي أو الشعور.. فهو القائل : ( إن ريش الطيور  المتعدد الألوان يرف حتى  ولو لم يره أحد، وغناء الطير يتردد حتى ولو لم يسمعه أحد، وشجرة كاراثوس التي لا تزدهر إلا ليلة واحدة، والغابات الاستوائية التي تشتبك فيها النباتات الجميلة الغنية، فتنبعث منها عطور فاغمة، كل هذا يفنى ويسقط دون أن يستمتع به أحد ) . ص305 [ 2 ]
الواقعية من حيث هي طريقة خلاقة هي ظاهرة تاريخية ظهرت في مرحلة معينة من تطور العقل البشري في العهد الذي كان الناس فيه يتصارعون مع الضرورة الحتمية التي لا محيد عنها للتفكير في جوهر واتجاه حركة المجتمع وحيث اخذوا بالتفكير في ادراكهم بصورة عفوية بادئ بدء ثم واعية بأن الإعمال  والمشاعر الإنسانية لم تكن مطلقا نتيجه الأهواء أو حصيلة لخطة الهية وإنما تحددها أسباب واقعية فعلية او بتعبير أفضل أسباب مادية .. لقد ظهرت الطريقة الواقعية في الفن حين توجب على أعضاء المجتمع المدني ان يعرفوا القوى التي لا يمكن ان تتوصل إلى ملاحظتها او إدراكها الملاحظة المباشرة التي كانت تحكم الية العلاقات الاجتماعية ونحن نجد علائم الواقع وسمات الحقيقة في روايات العصور القديمة وفي الفن القوطي والباروكي وفن الروكوكو وفي الأعمال الأدبية الكلاسيكية , لكن دراسة حياة المجتمع والطبائع البشرية بكل تعقيدات تفاعلاتها المتبادلة لا يحققها سوى الواقعية ان أعمال الواقعيين الأوائل مازالت تحتفظ بقيمتها وذلك لانها بلورت تجربه الإنسان الاجتماعية وهي تيتح لنا ان نرى حقيقة الكائن وحياة الشعب والحاجات المادية الحقيقة والروحية التي كانت تشغل في الماضي بمختلف الفئات والطبقات الاجتماعية .    ص10 [ 10 ]
معروف ان الواقعية قد تطورت بادي بدء في ميدان الحياة اليومية ان تمثيل الواقع الذي يحيط في شكله اليومي بالانسان هو في اساس الخرافات ثم اثر ذلك الراوية البيكارية التي ولدت من اختمار التمردات الشعبية والانتفاضات الفلاحية والحروب الدينية التي صبغت بالدماء القرنين السادس والسابع عشر لكننا لم نكن حينئذ الا ازاء معالجات اولية للواقعية اذا صح التعبير. ص11  [ 10 ]
ان جوهر الطريقة الواقعية وروحها يتشكلان من التحليل الاجتماعي ودراسة التجربة الاجتماعية للانسان وتصويرها ودراسة العلاقات الاجتماعية بين الناس وبين الفرد والمجتمع وكذلك بين بنيات المجتمع ذاته .   ص17  [ 10 ]
ان بلوخ لايرى في هذا الواقع المترابط سوء بقية من انظمة المثالية الكلاسيكية في ذهن ويعرض فهمه الخاص على هذا النحو قد يكون الواقع الاصيل انقطاعا ايضا وبما ان فهم لوكاتش للواقع فهم موضوعي فعلق فهو لذلك يتوجه بصدء التعبيرية ضد كل محاولة فنية لتهديم صورة العالم .
ص 120,121 [ 7 ]

مذاهب الواقعيين :
يطلق المذهب الواقعي في المعرفة على مجموعة من المذاهب تشترك إلى جانب عدائها للمثالية – في خصائص اظهرها القول بان للاشياء الخارجية وجودا عينيا مستقلا عن العقل الذي يقوم بادراكها , وعن جميع افكار ذلك العقل وأحواله , ومعرفة العقل مطابقة لحقائق الاشياء المدركة فليس العالم الخارجي كما هو مدرك في عقولنا الا صورة لهذا العالم كما هو موجود في الواقع والعلاقة التي تقوم بين الاشياء الخارجية وافكارنا التي تمثلها في عقولنا علاقة مشابهة وتطابق , فالمعرفة عند الواقعيين ادراك عقلي او حسي مطابق للاعيان في الخارج او هي انعكاس العالم الخارجي على العقل . وواضح ان الواقعية نقيض المذهب الافلاطوني الذي يعتبر المثل وحدها هي الموجودات الحقيقية ويرى ان الاشياء او الموجودات المحسوسة ليست الا مجرد اشباح وظلال للمثل وبمقدار ما تبتعد نظرية المثل عن دنيا الواقع بمقدار ماتعبر عنها هذه الواقعية واظهر فروع هذا الاتجاه :   ص330 [ 1 ]
أ . الواقعية الساذجة :
وهي تتفق مع مايراه عامة الناس في القول بان افكارنا صور مطابقة للاشياء في الخارج والعالم الخارجي يبدو لنا في صورة كثرة من الموجودات والكائنات تقوم بينها روابط وعلاقات, فالعالم متعدد متكثر- ولا يمكن رده إلى وحدة كما ظن المثاليون . وقد اعتبر هذا المذهب ساذجا لانه يمثل مرحلة سابقة على مرحلة التفكير العلمي والفلسفي ولا يخضع للتفكير النقدي ويثق في مدركات الحس ثقة لاحد لها مع ان تجربتنا في كل يوم تزعزع ثقتنا في صحة احكامها فالعصا المغروسة في الماء منحرفة تبدو مكسورة امام العين وهي ليست كذلك في واقع الامر, والمرئيات تبدو لاعيننا عن بعد اصغر حجما من حقيقتها وكثيرا ما يبدو الشئ في نظر انسان على صورة تخالف الصورة التي يبدو عليها في نظر غيره من الناس , بل كثيرا ما يتغير الشئ الواحد في نظر الانسان الواحد بفعل الخيال او بتاثير الاحلام .. وهذا وغيره كفيل بان يفقدنا الثقة في احكام الحس .
كان الواقعيون يقولون ان العالم الخارجي قائم موجود بالفعل حتى عندما يكون بعيدا عن متناول ادراكنا الحسي وهو موجود على نفس الحال التي يوجد عليها عندما يقع عليه ادراكنا وهذا هو الذي كان يبرر عند مل millوامثاله وجود العالم مستقلا عن ادراكنا له ولكن خصوم الواقعية رفضوا التسليم بذلك وقالوا ان التيقن من وجود خصائص وصفات في شئ ما لايكون قط الا عندما تكون في متناول الادراك وفي مقدوره بل ان مجرد اختلاف الشئ في مظاهره واشكاله باختلاف المسافة التي تفصل بينه وبين العين التي تراه , او باختلاف الزاوية التي يرى منها او باختلاف قوة الضوء او انعدامه .. كل هذا يبرر القول بان بين الاشياء في الواقع وافكارنا التي تمثلها اختلافا ملحوظا لاسبيل إلى اهماله وقد ايدت هذا التفاوت مقاييس العلم والالات التي يستخدمها من مجهار ومقراب وموازين ونحوها ولهذ عدل الباحثون هذه الواقعية الساذجة فظهرت :    ص330 ,ص331 , ص332 [ 1 ]
الواقعيون يرون ان للاشياء الخارجية وجودا عينيا مستقلا عن الذات التي تدركها والمعرفة صورة مطابقة لحقائق الاشياء في العالم الخارجي ,فالعالم الخارجي كما هو مدرك في عقولنا ليس الا صورة للعالم الموجود في الواقع , وهذه هي الصورة الساذجة من المذهب الواقعي التي تسلم بوجود العالم الخارجي بمافيه من كثرة وتعدد دون ان ترد هذه الكثرة إلى أي نوع من الوحدة وكذلك فهي تسلم تسليما اعمى بقدرة الحس وصحته . ص 231 [ 4 ]
ب . الواقعية النقدية التقليدية :
المذهب الواقعي النقدي وهو الذي اعتمدته العلوم الطبيعية بعد اخضاعه للنقد العلمي وخلاصته ان الحس يدرك حقائق الاشياء وهذه الحقائق تمحص في قوانين العلوم الطبيعية فالمادة في نظر هذه العلوم شئ حقيقي له وجود عيني خارجي ولكن الكيفيات التي تدركها الحواس ليست الا من عمل الذهن , وتتميز الواقعية النقدية من الساذجة برفضها التسليم بالوجود الحقيقي لعالم المدركات الحسية بغير اختبار نقدي انها تحاول ان تثبت الحقيقة بمناقشة الحجج المضادة ودحضها حتى يتسق منطق الواقعية مع النتائج التي ينتهي اليها نقد المعرفة  "الوردة حمراء" في لغة الواقعية النقدية معناها ان في الوردة خاصية تثير في العين تحت ضوء ملائم احساسا باللون الاحمر , فالحمرة بغير العين التي تراها تكون بغير ذات فحوى ولكن شروط الاحساس بالحمرة تظل قائمة وان لم يكن هناك ضوء ولا لون لان هذه الخاصية موجودة في الوردة وجودا موضوعيا وليس ذاتيا فوجود الاشياء اذن لايتوقف على قوى ادراكها , لم تر عين الانسان أشعة رنتجن زمنا طويلا ولكن اثر هذه الاشعة الملحوظة قد ادى اخر الامر إلى معرفة وجودها ومثل هذا يقال في الكثير جدا من القوى التي توجد كامنة في الطبيعة .ان الواقعية الساذجة لاتثير الجدل في قدرة الانسان على معرفة حقيقة شئ موجود مستقلا عنا لانها ترى المشكلة غير ذات الموضوع . اما الواقعية النقدية فانها تعرض للمشكلة وتناقش الحجج التي تنكر امكان هذه المعرفة وتنتهي من مناقشتها إلى اقرار هذه المعرفة اقرارا قاطعا .اضافت الواقعية النقدية إلى العقل فاعلية خاصة بحيث لم تصبح المعرفة صورة مطابقة للاشياء المدركة – كما كان الحال في الواقعية الساذجة ولكنها اصبحت صورة معدلة بفعل العقل الذي يستطيع ان يتجاوز الجزيئات المحسوسة إلى الكليات على نحو ما هو معروف عند امثال جون لوك فقد رفض رد الحقائق المسلمة والمبادئ المشهورة إلى فطرة العقل على نحو ما ذهب افلاطونيو كمبردج من ناحية وديكارت من ناحية اخرى وجعل للعقل عملا ايجابيا هو ان يؤلف من الصورة الحسية التي تنقلها اليه الحواس معاني جديدة .ولكن عصر لوك –القرن السابع عشر- كان بدء تاسيس المناهج العلمية الحديثة وقد استقام العلم الحديث واستكمل مناهجه التجريبية التي استرعت الانظار وكانت موضع تقدير واعجاب عند الكثيرين من الفلاسفة انفسهم واخذت الروح العلمية تتغلغل في كل شئ وبدت هذه الظاهرة في تطور الواقعية النقدية التقليدية السالفة الذكر إلى ما سمى في العصر الحاضر بمذهب :     ص 332 ,ص333 [ 1 ]
اما الواقعية النقدية فانها ترى ان الحس يدرك حقائق الاشياء الخارجية ولكن هذه الحقائق تخضع للفحص على ضوء قوانين العلوم الطبيعية فمع ان للمادة وجودا حقيقيا في الخارج الا ان الكيفيات التي تدركها الحواس انما تكون من عمل الذهن فادراكي للون الاصفر في البرتقالة مثلا يعني ان في البرتقالة خاصية تثير العين تحت ضوء ملائم فتجعل العين تحس باللون الاصفر , فلامعنى للصفرة اذن بدون وجود العين التي تراها هذا على الرغم من ان وجود الصفرة كخاصية في البرتقالة على نحوما , هو وجود موضوعي لايتوقف على ادراكنا لها واذن فالمعرفة عند الواقعية النقدية ليست ادراك صورة مطابقة للاشياء الخارجية بل ادراك صورة معدلة بفعل العقل الذي يمكن له ايضا ان يتجاوز الجزيئات والمحسوسات إلى الكليات . واذن فالواقعية النقدية تبحث في امكان معرفة الانسان للموضوعات الخارجية وتحدد الشروط العلمية لهذه المعرفة ونجد صورا اخرى للواقعية عند هوايتد وصمويل الكسندر وبرتراند رسل ومور . ص232  [ 4 ]
لقد ارسى طراز جديد من الواقعية نقدي من حيث الخاصية تاليفي من حيث الطريقة التي يعرض بها علاقات الانسان بالبيئة وعلاقاته بالمجتمع لقد صور بوشكين انسان عصره على الصعيد التاريخي بمعنى انه كان يعتبره ثمره لوسط اجتماعي محدد يمتلك وعيا طبقيا واضحا لم يكن يميز سواه والطريقة النموذجية التي استخدمها بوشكين لتصوير الواقع تميز كذلك كل الواقعية النقدية في عصره الكلاسيكي .. وقد اتاحت هذه الطريقة لبلزاك وستندال لديكنز وثاكري للاخوات برونتى وغوغل والواقعيين الروس المنتمين إلى المدرسة الطبيعية ان يبرزوا ويحللوا تناقضات العلاقات الرأسمالية الجديدة التي قامت على انقاض الاقطاعية والحقيقة ان الواقعية النقدية كانت وحدها هي القادرة على استيعاب ذلك الواقع الجديد لان الواقعية البرجوازية التي تعتبر التقدم الراسمالي كقاعدة طبيعية للتطور الاجتماعي لم تبذل أي محاولة لتحليل الواقع في حركته الحقيقية , بل بذلت قصارى جهدها لان تحل محل صورة تناقضات المجتمع صورة الحياة الروحية للانسان مفصولا عن المجتمع .ص 92  [ 10 ]
ج . الواقعية الجديدة :
بدا هذا الاتجاه الجديد منذ عام 1910 م على يد ستة من فلاسفة الامريكان لم يخالفوا الفلسفة التقليدية في موضوع البحث , فقد كان مدار فلسفتهم نظرية المعرفة وفهم العلاقة التي تقوم بين الذات العارفة وموضوع معرفتها من غير تمييز بين العارف والمعروف , اهتمت الواقعية الجديدة بتحليل العلاقة التي تربط بين الذات العارفة وموضوعها ورفضت التسليم بما راته الواقعية النقدية التقليدية من وجود وسيط بين الشيء المدرك والذات العارفة – هو الصورة الذهنية في مذهب لوك – لان الادراك في نظر الواقعية الجديدة يقع مباشرة وبغير وسيط , مما يجعل معرفتنا للشيء الخارجي صورة مطابقة لحقيقته في الخارج .. إلى اخر ما انتهى اليه مذهبهم الذي يشرحه كتاب اشتركوا في وضعه عن "الواقعية الجديدة- دراسات تعاونية في الفلسفة" ص 334 [ 1 ]
وهناك تيار جديد في الواقعية هو ما يسمى باسم ((الواقعية الجديدة)) وقد ظهر في وقت مقارب لظهور المذهب البرجماتي، لكن المذهب الأخير كان نباتاً أمريكياً أما الواقعية الجديدة فهي نبتة إنجليزية أصيلة كانت في نموها متمشية تماماً مع تراث الفلسفة الإنجليزية الأصيلة أو القومية ورغم أنها قد تغلغلت عبر المحيط فإن إنجلترا هي تربتها الأصلية. ولقد ظهرت هذه الحركة بوضوح في نفس الوقت الذي توقفت فيه الحركة المثالية الإنجليزية بعد أن استنفدت معظم إمكانياتها، وتزداد أهمية هذه الحقيقة إذا أدركنا أن الواقعية الجديدة كانت تهاجم صراحة في تصريحاتها الأولى – وكذلك في كثير من تصريحاتها التالية أيضاً- روح المثالية ومنهجها، وحاولت أن تستبدل بها شيئاً جديداً كل الجدة.
ولقد كان مقال جورج إدوارد مور بعنوان ((تفنيد المثالية)) في مجلة mind عام 1903 إلى جانب كتابات رسل Russell التي ظهرت في حوالي ذلك الوقت - هو الذي أطلق صيحة الحرب من جانب الواقعية الجديدة على المواقع المثالية. ص307 [ 2 ]
 والحق أن ((الواقعية الجديدة)) تعبير يطلق أساساً على نظرية المعرفة الجديدة. وكانت المشكلة التي عولجت من جديد هي مشكلة الإدراك الحسي التي تركز حولها اهتمام المفكرين الإنجليز بوجه خاص، ومن خصائص هذه أن اهتمامها  بالمسائل النظرية كان أغلب، وأن لنقد المعرفة فيها مكانة تعلو على كل المباحث الفلسفية الأخرى. ومن السمات الأخرى للفلسفة الجديدة اهتمامها الشديد بالعلم وهناك علمان استفادت منهما في مسائل أساسية هما((الرياضة، والفيزياء الحديثة )) – كما استفادت بدرجة أقل من علم الحياة وعلم النفس- وقد كان من نتيجة اهتمامها بالعلم أن أصبحت تهدف إلى معرفة الأجزاء أكثر من الكل، وتحرص على القيام بأعمال تفصيلية دقيقة أكثر مما تهتم بالآراء الشاملة وهي لا تحاول أن تستنبط طبيعة العالم في مجموعة من طبيعة المعرفة وإنما هي تنظر إلى المعرفة بوصفها واقعة طبيعية ضمن غيرها من الوقائع، ولا تعزو إليها دلالة صوفية أو روحية ، ومن الممكن وصفها بأنها تتجه إلى بناء المذاهب وهي تؤثر التحليل والوصف على البناء التركيبي والنظر الخالص.
والواقعية الجديدة بصفة عامة نقدية لا تأملية وموقفها من الميتافيزيقيا متشكك بل عدائي أحياناً. كما أنها ترفض الاقتراب من الدين وهي لا تبدي اهتماماً بشيء يجاوز التجربة. وهي تتميز بالتزامنا الدقيق للوقائع بوضوح التفكير ونزاهته. ص308,ص309  [ 2 ]
ولكن الواقعية الجديدة لم ترض طائفة اخرى من الواقعيين المعاصرين فاتهموها بالسذاجة لانها في دراسة المعرفة تفتقر إلى روح النقد والتمحيص والتحليل ومن هنا نشا :
د. مذهب الواقعية النقدية المعاصرة:
انشا هذا الاتجاه الجديد سبعة من الامريكان شرعوا منذ عام 1916م يبشرون بمذهب جديد وان ظلت نظرية المعرفة مدار بحثهم ومشكلة الادراك الحسي بدء تفكيرهم , الا انهم رفضوا موقف الواقعية الجديدة في ضم العارف والمعروف في سمط واحد وعادوا إلى الثنائية التي يتميز فيها المدرك من الشيء المدرك مع القول بان الشئ المعروف وجوده الخارجي وان معرفتي به هي التي تؤدي إلى وجوده ولكن وجوده مستقل عن هذه المعرفة كل الاستقلال فيما قال جميع الواقعيين من قبل , وكان طبيعيا ان يرفضوا القول بوجود فارق بين ظاهر الشئ وحقيقته او مايبدو من الشئ والشئ ذاته وعلى هذا فليس ثمة شئ يقوم وراء الطبيعة او فوقها او يكون مفارقا لها , وبهذا تميزت الواقعية النقدية المعاصرة وقد شرحوها في كتاب اشتركوا في وضعه تحت عنوان "مقالات الواقعية النقدية – دراسة تعاونية لمشكلة المعرفة" وللواقعية في انجلترا نصيب ملحوظ في تفكير فلاسفتها , وقد ايد اتجاهها عامة "هوبهاوس 1929" و "لويد مورجان 1936" و "وايتهيد 1947" و "بروض" ومن اليهم , بل انتصر للواقعية الجديدة من المعاصرين "صمويل الكسندر 1938" والسير "بيرسى نن 1944" و "برترند رسل" و "مور 1958" وغيرهم كثيرون  .ص334 ,ص 335  [ 1 ]


المراجع :
اسس الفلسفة  .. الدكتور توفيق الطويل
مدخل الى الفلسفة  ... امام عبدالفتاح امام
الفلسفة ومباحثها  ....  محمد علي ابو ريان 
دراسات في الواقعية   ... جورج لوكاش ترجمة د.نايف بلوز
المصادر التاريخية للواقعية  ... بوريس تشكوف ترجمة محمد عيتاني واكرم الرافعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق