الواقعية في الرومانسية

على نحو ماتقدم من تبيان التمازج في اعمال الفنانين بين الواقعية والرومانسية والتلاقي في العناصر الجوهرية من قبيل الخيال والوجدان والشاعرية فان الامر الذي يتعين ان نشير اليه هنا يتحدد في القيمة الواقعية التي يمكننا ان نسجلها للرومانسية . بيد ان هذا لايحملنا على ان نغفل عن حقيقة التاريخ فلم تكن الرومانسية وليدة ذاتها وترجمة لاحلام فردية وانما الامر كاي مذهب اخر مشروط بالواقع التاريخي الذي نشا فيه وبنمطية الطبقة الاجتماعية الصاعدة ومايرافقها من تغيرات واحداث وغاية هذا كله اننا بلغنا ما اشار اليه غوركي الذي ظل مخلصا للرومانسية في كل مواقفه حيث تكون هذه الرومانسية غير منقطعة عن واقعها الزمكاني التاريخي والاجتماعي حين يقول : ان الرومانسية الثورية ليست في حقيقة الامر الا اسما مستعارا للواقعية الاشتراكية وحين لاتنتهي هذه الرومانسية إلى ذاتية منغلقة على ذاتها او كاحساس بنرجسية متورمة فليس ثمة تعارض بينها في مسعاها الايجابي الثوري وبين الواقعية كفعلي امكانية او كرؤيا مستقبلية في بحثها عن الواقع الممكن : واقع الغد . ص183 ص 184 [ 5 ]

ولدت الواقعية على نفس الارض التاريخية التي ولدت عليها الرومانسية وكانت امامها نفس المهمة الايديولوجية التي تولاها الفن الروائي الا وهي معرفة توضيح المحتوى المادي للحركة التاريخية وتوضيح اتجاهها وفي هذا مايفسر السمات التي تدني الرومانسية والواقعية مع بعضها . ويفسر وجود عناصر رومانسية في مؤلفات بوشكين وبلزاك وديكنز وغوغل وستندال هذا اذا لم نذكر الكتاب الواقعيين الذين هم ادنى مرتبة من هؤلاء فقد كان بلزاك على حق اثناء تفسيره لميزات الفن الواقعي الحق في دراسته عن السيد بابل حيث قال ان لديه ملكه ادب الصور أي الرومانسية وادب الافكار كما كان يسمى الواقعية التي قال عن ممثليها انهم " ....... يبتعدون عن النقاش ولا يستلذون الاحلام, وتطيب لهم النتائج .   ص 73  [ 10 ]

حدود القراءة الواقعية

على نحو ماتقدم فليست القضية الاشكالية اذن تثار لصالح الواقع او الواقعية في الانقطاع الاغتراب عن الماضي التراثي بل في اعادة قراءته قراءة علمية –معرفية وتحاوره وتنقده كي تؤسس نقدا اصيلا فاعلا يواظب الحياة بفعالية متجددة وذلك بالسؤال بدلا من التسليم والقبول ونعني بالقراءة المعرفية ان نستوضح البواعث الواقعية في هيئتها الكلية اذ ان الاجتزاء في القراءة تشويه لصورة الماضي وان نراعي الشرط التاريخي للظاهرة وابعادها الزمكانية اذ في انعدام هذا الامر انعدام للفائدة التاريخية كتجربة شمولية وكدروس وعبر لها كيفياتها ونواميسها التي يمكن ان نستخلص منها مايثري توجهنا المعاصر على ان لايتحول المصدر إلى تابو يبهر من يتناوله ويرهبه عن مس التراث المقدس وانتهاكه . واهم مافي القراءة العلمية الواقعية هي اعادة القراءة للتراث بادوات معرفية من حيث ان الماضي لايحمل ادوات معرفته في ذاته , وغاية هذه القراءة هي ازالة اللبس عن العملية التاريخية والزيف المختلق وكشف النقاب عن مفاعلات التجدد الفعلي وكيفيتها الموضوعية والذاتية  , وعلى هذا النحو نبلغ دون زيف غاية المعرفة المتكاملة لتكامل الشخصية التاريخية الكفيلة بمناهضة القوى المغربة في الماضي والحاضر وعليه نخلص من الزتوي امين إلى القول : ان الفن القديم الكلاسيكي قدم ثروة جمالية عظمى يعترف بها منظرو الواقعية الاشتراكية وترى الواقعية في ذلك انه ارثها الانساني العظيم

ص160 ص161 ص 162 [ 5 ]

المراجع :

واقعية الابداع وجماليات الواقعية   .... الدكتور بشير مطيع ناصر

المصادر التاريخية للواقعية    .... بوريس سوتشكوف ترجمة محمد عيتاني واكرم الرافعي