ماهي الواقعية ؟
الواقعية هي كلمة مشتقة من ريل Reel بمعنى الواقع او الحقيقة واستعملت على مر التاريخ بمعان مختلفة :
المعنى الاول : تعرف فلسفة الاسكولاستيك scholastic بفلسفة المدرسيين وقد جرى بين اصحاب هذه الفلسفة في القرون الوسطى جدال عظيم حول مبحث واحد جعلوه شغلهم الشاغل وهو وجود الكلي .
فالكلي مثل "الانسان" اهو موجود ام لا؟
وعلى فرض وجوده اهو موجود في الذهن ام في الخارج ؟
وعلى فرض وجوده في الخارج ايكون له وجود مستقل ام لا ؟
القائلون بان الكلي واقعا مستقلا عن الافراد اطلق عليهم اسم الواقعيين .
اما الذين انكروا وجود الكلي في الخارج والذهن واعتبروا الكلي لفظا فارغا فقد اطلق عليهم الاسميين
واما القائلون بان الكلي وجودا ذهنيا ووجودا خارجيا ضمن الافراد فقد اطلق عليهم اسم التصوريين او المثاليين . ص 73 [ 8 ]
المعنى الثاني : للواقعية هو المعنى الذي شاع اخيرا في المصطلحات الفلسفية وهو يعني اصالة الواقع الخارجي وبهذا المعنى تكون الواقعية في مقابل المثالية التي تعني اصالة الذهن او التصور ونحن نستعمل هذا اللفظ بهذا المعنى في هذه المقالة , والواقعية في الاداب تقابل المثالية ايضا فالاسلوب الواقعي هو الذي يعتمد في الحديث او الكتابة على العينات الواقعية والاجتماعية اما الاسلوب المثالي فهو الذي يعتمد على الخيالات الشاعرية للمتحدث او الكاتب . ص 74 [ 8 ]
لكي لايختلط علينا الامر لابد من الاشارة إلى ان المعلومات الفطرية او الفطريات قد استعملت في المصطلحات بمعنيين :
1. تلك المعلومات الناشئة مباشرة من العقل وتدركها القوة العقلية دون ان تعتمد على الحواس الخمس او على اشياء اخرى وانما هي موجودة في العقل بحسب الطبع ويوجد اختلاف بين العلماء في ان المعلومات كهذه اهي موجودة فعلا ام لاوجود لها ,فجميع المعلومات عند افلاطون فطرية وليس العلم الا تذكرا اما ديكارت واتباعه فيقولون ان بعض المعلومات فطرية وناشئة من العقل وانكر بعض العلماء وجود هذه المعلومات.
2. تلك الحقائق المسلمة التي تتفق عليها كل العقول ولايمكن انكارها ولا التشكيك فيها لاي احد واذا انكرها شخص او تردد فيها فانما يفعل ذلك لسانا اما عملا فهو يقبلها ويعمل بها .. ص75 [ 8 ]
يجري عادة في الاصطلاح الحديث اطلاق اسم الواقع على الواقع الخارجي ونفس الامر ولايطلق عليه اسم الحقيقة ونحن مقتفون اثر هذا الاستعمال ففي أي مكان نذكر الواقع فنحن نقصد به ذات الواقع ونفس الامر وكلما ذكرنا الحقيقة فنحن نقصد ذلك الادراك المطابق للواقع . ص 164 [ 8 ]
المطلعون على المنطق والفلسفة الإسلامية يعلمون ان الإشكالات التي أوردها أمثال فيلسين شاله وويليام جيمس على التعريف القائل بان الحقيقة هي مطابقة الأفكار للواقع قد وجدت حلولها في هذه الفلسفة وذلك المنطق وهي لا تشكل خطرا جديا . وعلى هذا فالفيلسوف الواقعي الذي ينفر من الأصول المثالية ويبحث عن أسلوب ورؤية واقعية لايجد بدأ من تفسير الحقيقة كما فسرها القدماء واعتبار ما اعتبره القدماء "مقياس للصدق" ولا تفسر هذه المقالات التي تهدف إلى بيان الأسلوب الواقعي ولا مقياس الصدق باي معنى من هذه المعاني التي تؤدي في النهاية إلى المثالية والسفسطة وإنما هي تفسرها بالمعنى الذى جرى عليه العلماء الماضون واغلب العلماء المحدثين . ص 168 [ 8 ]
انقسم الفلاسفة المؤمنون بواقعية الكون والعالم منذ اقدم العصور التاريخية إلى فئتين متميزتين :
1. فئة اليقينين : وهم الذين يقولون بامكانية تحصيل العلم المطابق للواقع أي انهم يعتبرون ذهن الانسان متمتعا بخاصيته تجعله قادر على ادراك الاشياء كماهي عليه في الواقع , ومنهم افلاطون وارسطوا واتباعهما من اليونانيين القدماء وجميع الفلاسفة المسلمين وديكارت وليتشي واسبينوزا وفلاسفة اخرين .
2. فئة المشككين : وهم المنكرون لهذه الخاصية وفي الحقيقة فهم مترددون في المعلومات البشرية
ص 195 [ 8 ]
الواقعية اصلا تعبر عن راي الرجل العادي الذي يعجز عن التمييز بين ظاهر الشئ وحقيقته فحقيقة الاشياء في نظره هي كما تبدو لنا – وان كان بعض مذاهب الواقعيين قد ابتعد كثيرا عن هذه النظرة الساذجة كما سنعرف بعد قليل- ومعنى هذا ان النزعة الواقعية قد سبقت التفكير المثالي ولكن هذه النزعة لم تصبح مذهبا فلسفيا متماسكا الا بعد ظهور الفلسفات المثالية , لان الواقعية الفلسفية قد قامت على محاربة المثالية ومحاولة القضاء عليها . ص330 [ 1 ]
المراجع:
اسس الفلسفة . الدكتور توفيق الطويل
اسس الفلسفة والمذهب الواقعي . للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق